الجمعة، 31 مايو 2013

 النحاس اسرار وعلاج

الجديدة– بيروت ـ محاسن عرفه: استخدام النحاس يلعب دورًا علاجيًا عبر ملامسته للجلد. شعوبُ كثيرة تضع خلاخل النحاس وأساور في أقدام النساء وأيادي الأطفال. وهي ظاهرة باتت منتشرة في كثير من الأماكن، قطع نحاسية تباع في الصيدليات ويقال أنها تنفع في الشفاء، في حين يستخدم كثيرون منا أساور الحلي هذه لأغراض الزينة. إلا أنه في  الحقيقة قد يأتي الغرض الأساسي منها وهو العلاج ليلعب الدور الأول و الأوحد في إستخدام تلك الأساور الرقيقة من النحاس المنقوش والتي تزين معاصم الرجال والنساء.
 ومؤخراً  صار النحاس ركن أساسي للعلاج في معامل البحث العلمي، ففي إحدي الجامعات في أوربا الشرقية تم تأسيس قسم كامل لدراسة إمكانية العلاج بالمعادلة وعلى  رأسها النحاس، حيث يؤكد العلماء  أثر النحاس على كهربة الجسم، والمستقبلات العصبية الإضافية ،وغير ذلك مما يثيره موضوع النحاس بالتحديد إستخدام شرائح النحاس الأحمر للعلاج على الجلد بالتدليك أو الملامسة أو الوخز أو التثبيت إلى غير ذلك من الطرق.
النحاس اليوناني
من هنا نجد اسم النحاس في اللاتينية ينتمي إلى اليونان التي يزعم أن مولد النحاس كان بها ولذلك أطلق عليها اسم كوبر نسبة الى جزيرة (كابري) اليونانية إلا أن استخدام النحاس عرف مبكرًا لسهولة حصول الإنسان عليه غير مختلط بسواه ومن ثم صار يشكل منه أدواته حتى ليقال إن عصر النحاس أزاح العصر الحجري.
 أما طبيًا في حضارتي مصر وسوريا القديمتين فقد كان يوصي بإرتداء أساور النحاس للوقاية من لين العظام ومن الصرع، وفي الطب الصيني القديم كان يشار إلى استخدام إبره من المعدن الأحمر أي النحاس للتنشيط والتحفيز، وكان الفلاسفة اليونانيون وخاصة الفيلسوف الطبيب “أنبادر قليس” يرتدي صندلاً من النحاس لعلاجه من الأمراض، كما أن “أرسطو طاليس” كان يعمد بعد يوم عمل شاقي إلى النوم وفي راحته كرة من النحاس تقلل من تعبه.  وفي القرنين العاشر والحادي عشر كان الطبيب والفيلسوف المسلم “إبن سينا” واضع كتاب القانون الذي ظل المرجع الرئيسي للأطباء المسلمين حتى القرن التاسع عشر، والذي ظل الغربيون يستعينون به في حضارتهم لأكثر من  خمسمائة عام كان ينصح بتناول مسحوق النحاس عند كسور العظام وكان يضع رقائق النحاس على الجروح المتقيحة وهو ما أستمر متوارثًا في ذاكرة الطب الشعبي، لهذا ظل القرويون والرعاة في أماكن عديدة من الأرض يعطون برادة النحاس لحيواناتهم المصابة بالكسور، وأيضًا الحيوانات التي تصاب بالإسهال وتغيير لون الفراء وتقصفه، كما أن شعوبًا كثيرة في الشرق مازالت تضع خلاخل النحاس وأساوره في أقدام النساء وأيادي الأطفال وتعود حقائقه الطبية إلى  إمكانية كبري في علاج إجهاد العضلات وتقلصها والصداع والوهن العصبي وألام العضلات والأعصاب الطرفية المزمنة والتهاب جذور الأعصاب وحتى التهاب المفاصل الروماتيزمي والتهاب بطانة الشرايين، إضافة للدور الوقائي من التهاب الجهاز التنفسي والهضمي، ومع إمكانية استخدام النحاس على شكل كريات أو أقراص رقيقة كبديل الوخز بالأبر التي لا تحتمل الوخز، فإن القائمة تطول ويجب الإشارة إلى المحاذير، لأن النتيجة لن تكون واحدة لكل الناس فهي إيجابية عندما يكون هناك احتياج لتأثير هذا العنصر.

الشعور بالألم
ويمكن معرفة ذلك بإجرء إختبار بسيط تلتصق فيه رقاقة من النحاس على الجلد وتترك مدة 6 ـ 8 ساعات على الموضع المريض ثم ترفع، وينظر إلى الأثر الذي تتركه الرقاقة، فإذا كان بقعة داكنة فهذا يشير إلى إمكان العلاج بالنحاس، وعمومًا لا ينبغي إلصاق الأقراص أكثر من يومين على الجلد. أما الأساور فينصح بخلعها ليلاً حتى لا تسبب الأرق أو التوتر في بعض الحالات، ولا ينصح باستخدام العلاج بالنحاس الموضعي عمومًا لدى الناس الذين تسميهم أدبيات الطبابة ذوي التكوين النحاسي، وهم الذين ينخفض عندهم الشعور بالألم كثيرًا فيميلون إلى الأنين والتوجع بسهولة مع اضطرابات ظاهرة في مقدرتهم على التعبير لأن هؤلاء لن يزيدهم النحاس إلا توترًا·
وإذا كان استخدام النحاس يلعب دورًا علاجيًا عبر ملامسته للجد، فهو ليس اكتشافًا جديدًا لكن الجديد هنا هو تقنية ذلك القديم وإعادة بحثه وتوسيع مجاله بما صار متوفرًا تحت يد الإنسان من معارف وتقنيات جديدة لعلها تكون الوسيلة لانقاذ التكنولوجيا من نفسها وانقاذ عالمنا بالعود المحمود إلى المنابع القديمة لتطهيرها والارتواء منها مجددًا ،ولقد ثبتت حقائق عدة من أهمها أن مجرد ملاصقة النحاس للجلد يولد تيارًا كهربائيًا دقيقًا جدًا مثل التيار المتولد في الحد الفاصل عند تلامس وسطين مختلفين موصولين بالكهرباء ،ثم تبين أن النحاس علي الجلد يعطي شحنة مقوية ومحفزة، ويعزى هذا التأثير في النحاس إلى سهولة حركة الكتروناته الحرة، وهذا ليس بغريب على المعدن الذي يطلقون عليه لقب معدن الكهرباء الأعظم، لإتساع رقعة إستخدامه في الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق