الجمعة، 31 مايو 2013

أهرام فرعونية في بلاد آلهة أوليمبس


 
27.05.2013, 23:48
طباعةإرسل المادة إلى صديقكضف إلى البلوك
صورة للأهرام الإغريقية
صورة للأهرام الإغريقية
Photo: © unanuios.net


وصف عالم الآثار والمستكشف النرويجي الشهير تور هيردال الأرض بكوكب الأهرامات وهذا الوصف لم يأت محض صدفة، فعلى غرار الأهرامات المصرية تم العثور على أهرامات شبيهة في كل من أمريكا والصين واليابان والبيرو والمكسيك والهندوراس وغواتيمالا وروسيا أيضاً

وقد تميزت الفترة ما بين نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين باكتشافات وألغاز جديدة، فالهياكل التي تم العثور عليها شبيهة إلى حد كبير بالأهرامات المصرية وهذا يشير إما إلى وجود صلات بين القارات أو أن أوجه التشابه هذه ترمز على وجود تطور موازي للحضارات في جميع القارات.
تعني كلمة الأهرام في اللغة المصرية القديمة الخبز ذو الشكل المخروطي وفي اللغة اليونانية القديمة تعني المذبح والجمر والنار. وعندما نتحدث عن عصر الأهرامات فإننا نعني الهياكل التي بنيت في مصر القديمة والتي تعود تاريخها إلى 3000- 2263 عام قبل الميلاد.

لماذا الأهرام وما الهدف منها
يتجادل العلماء في جميع أنحاء العالم حتى يومنا هذا حول الغرض الأساسي من هذه الهياكل، علماً أن الأهرامات ذات المثلثات الأربعة متساوية الساقين والقاعدة التي هي على شكل مربع، تم تصميمها بشكل تدريجي. وتعتبر الزقورة أو ما يسمى بالأهرامات الرافدية النموذج الأولي للأهرامات المصرية وهذا الشكل شبيه بالهياكل ذات الأدراج الكبيرة والتي بنيت في بلاد ما بين النهرين القديمة وفي العيلانية والبابلية والأشورية والسومرية. ويمكن أن تتكون الزقورة من 4-7 أبراج تتوضع فوق بعضها البعض مع الحفاظ على صعود مدبب. وإن أهم وأشهر أنواع الزقورة هو برج بابل الأسطوري الذي تم ذكره في الإنجيل. يشار إلى أن بناء الأبراج يعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرن السابع والقرن السادس قبل الميلاد. للأسف لم تكشف الحفريات الأثرية آثاراً للبرج ولذلك طرحت فرضية بأنه قد انهار واستخدمت ألواحه الحجرية من قبل الناس لبناء المساكن.
وفي هذا السياق يمكن اعتبار الأستوبة البوذية وهي معابد في جبال جنوب شرق آسيا وتيوكالي وهي أبراج مدرجة موجودة على أرض أمريكا القديمة صروحاً شبيهة بالأهرامات المصرية.
ويعتقد بروفسور في جامعة كمبريدج بأن كاهن فرعون زوسر واسمه امحوتب هو مهندس هذه الأهرامات. وإن ما جميع بين هذه الهياكل القديمة هو أنها مبنية على شكل مدرج يصعد إلى السماء وترمز إلى الشجر العالي والجبال الشاهقة كما أنها ترمز أيضاً إلى قيامة الفرعون من جديد وهنا ليس من قبيل الصدفة أن يتم تصميم مداخلها من جهة الشرق حصراً.
ووفقاً لنظريات العلماء فإن الأهرامات يمكن أن تؤدي مجموعة متنوعة من المهام فهي إما:
1. مقابر
2. صروح فلكية وتنجيمية
3.مكان لتأهيل الكهنة حيث كان من المتعارف عليه ترك أولئك الذين يرغبون في الحصول على معارف سرية في الهرم حتى أنه في بعض الأحيان كانوا يوضعون في التابوت ليتقمصوا حالة معينة عن طريق التعرف على أسرار الموت من أجل الولادة من جديد وفهم أسس الكون وماهيته. يشار إلى أن هذا التقليد استمر في وقت لاحق في طقوس الماسونية، حيث كانت ترمز قاعدة الهرم إلى الطبيعة وكل الكائنات الحية في الأرض، وإن التضييق التدريجي والمتسلسل للهرم نحو الأعلى كان يرمز إلى تضييق دائرة الأشخاص المطلعين على المعارف وطبيعة الأشياء.
4.مقوي لحزمة الطاقة الخارجية. فالمكان الذي بنيت فيه هذه الأهرامات، بفضل توجهها الفلكي، تعتبر مقوي ضخم لحزمة الطاقة التي كانت تنبعث من الفضاء.
5.تعزيز وتوطيد السلطات.
تعتبر الأهرامات اليونانية التي شيدت في وقت واحد تقريباً مع الأهرامات المصرية واحدة من الاكتشافات الأخيرة، حيث تم العثور على 8 أهرامات بالإضافة إلى جبل تايغيتوس الذي يشبه إلى حد كبير شكل الهرم.
وقد سارع تيودوروس سبيروبولوس الذي عثر على هذه الأهرامات في نهاية القرن العشرين إلى الإعلان على أنها نماذج عن الأهرامات المصرية، وعلى أثر ذلك أخذ العلماء اليونانيين بدراسة هذه الأهرام مستخدمين طريقة التشعيع الحراري الضوئي. واستناداً إلى نتائج البحوث التي أعلن عنها بريكليس تيوهاريس فإن الهرم في هيلينيكو تم بناؤه تقريباً في عام 2720 قبل الميلاد مع احتمال خطأ زمني يقدر بـ 580 سنة، أما هرم ليغوريا الذي يبلغ أبعاده 14x12 متر يعود تاريخه إلى نحو 2100 قبل الميلاد مع احتمال فارق زمني 600 سنة، ولهذا أعلن اليونانيون على الفور أن الهيكل الذي عثر عليه في هيلينيكو أقدم من هرم زوسر بـ 100 عام.
ما لفت انتباه المشككين هو الأسلوب الخاطئ في تحديد عمر الصخور، فكما هو معلوم تستخدم عادة طريقة تحليل الكربون المشع لهذا الغرض. ولهذا وبعد استخدام طريقة الكربون المشع أصبح كل شيء واضح وهو أن الأهرام اليونانية أصغر عمراً من أخواتها المصرية.
ولكن لابد من الإشارة هنا أن المؤرخ بوسانياس ذكر هرم هيلينيكو في الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث أشار إلى وجود صرح يشبه إلى حد كبير الهرم في الطريق المؤدية بين أرغوس وإبداوروس وقد دفن فيه أولئك الذين حاربوا وماتوا في المعركة التي جرت على السلطة بين الأخوة أكريسي وبرويت مع العلم أن مدخل الهرم مصمم حسب النمط الميسيني المخروطي أي من الجانب الشرقي. أما بقية أجزاء الهرم فهي تطرح فرضية أنه بني على شكل الزقورة.

الأهرام الإغريقية
وأكثر ما يشبه الأهرام المصرية هي مقبرة "أمفيون وزيت" التي بنيت منذ نحو 2500-2000 سنة قبل الميلاد ويطلق عليها بأنها أكبر هرم يوناني وهي عبارة عن هرم مدرج يتألف من أربع طبقات، حتى أنه يقال أن الهرم هذا متصل بقصة تأسيس مدينة طيبة "ثيفا". وتحكي الأساطير اليونانية أن مؤسسي طيبة هما قدموس وأمفيون. ووفقاً للأساطير اليونانية القديمة فعندما كان أمفيون يعزف على القيثارة التي قدمها هيرموس هدية له، كانت الموسيقا تحرك الحجارة وتجبرها على الاصطفاف فوق بعضها البعض في المكان المطلوب. ولكن لم يحالف الحظ عائلة أمفيون حيث صدقت الآلهة الغاضبة أكاذيب ليتو ابنة الجبابرة وأرسلوا الطاعون إلى عائلة أمفيون. تم دفن كل من أمفيون وأخيه زيت بعد وفاتهما في مقبرة واحدة تقع في شمال طيبة. وقد عثر اسبيروبولوس أثناء عمليات الحفريات في التلة على منظومة أنفاق وحجرات، واعتقد اسبيروبولوس أن مقبرة الأخوة هي إحدى حجرات التل. ويعتقد الكثير من الباحثين أن الأخوة أمفيون وزيت كانوا أناساً حقيقيون من مصر في حين يعتقد الباحث ريتشارد بو أن هرم أمفيون بني من قبل المصريين الذين جاؤوا إلى اليونان. كما أنه تم العثور على زخارف مصرية أيضاً في المقبرة مثل الزخارف النباتية المصرية وعلاّقات من الذهب على شكل الزنبق. وقد تم توجيه النفق الذي تخرج منه الروح نحو النجم القطبي كما هو الحال في هرم خوفو العظيم، وتذكرنا المقبرة بحجمها الكبير بأول الأهرامات المصرية التي بناها الكاهن إمحوتب.
ومن بين أكثر الأهرامات اليونانية التي حافظت على شكلها هو هرم في جزيرة كريت الواقع إلى الجنوب من ميناء خانيا والذي بني على شكل المخروط، وما نعرفه عن هذا الصرح هو أنه يقع على ارتفاع 290 م عن سطح البحر وله قاعدة دائرية محيطها 29 متر وارتفاعه 8.5 م ، وتوجد غرفة داخل المخروط منحوتة في الصخر حيث يصل طولها وعرضها إلى أكثر من مترين وارتفاعها 1.4 متر. فيما يتعلق بتوجه الأهرامات نحو غروب الشمس فهذه الحالة يمكن أن نراها في هرم الفرعون سنوفرو في دهشور وهذا الهيكل يطلق بالهرم المتحطم لأنه أعيد بناؤه عدة مرات. وبحسب قول العالم الألماني في مجال المصريات بورخارت فإن المدخل الغربي للهرم ظهر بسبب تغير زوايا الميل بعد الوفاة المفاجئة للفرعون سنوفرو مع العلم أن المدخل الغربي تم فتحه فقط في منتصف القرن العشرين ولم يتم العثور هناك على أي مقابر.
وإن تأكيدات سبيروبولوس المتعلقة بالأهرامات اليونانية والتي تحدثت عن وجود حضارة منسية ونخبة حاكمة مصرية تعود للألفية الثالثة -الثانية قبل الميلاد، لم يتم إثباتها من خلال المعطيات التاريخية، حيث يعتقد كثير من المؤرخين أن الحضارة المينوية التي أشار إليها سبيروبولوس يمكن أن نتحدث عنها فقط بعد عام 1950 قبل الميلاد وعلاوة على ذلك فإنه أثناء هذه الحضارة كان يتم حرق الموتى ودفنهم في جرار من الفخار.
تأثير الحضارة المصرية القديمة على الإغريقية
وقد أثبتت دراسة المواد التي تم الحصول عليها أثناء الحفريات الأثرية في اليونان أن الحضارات القديمة المصرية كان لها تأثير كبير على تطور المجتمع اليوناني. ويعتبر المؤرخون أن الحضارة اليونانية تعود إلى فترة تسبق بكثير حضارة وادي الرافدين والنيل التي حققت تطوراً كبيراً في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وخير دليل على ذلك هو بناء أهرامات مصر العظيمة في الجيزة والتي تعتبر الأعجوبة الوحيدة في العالم التي حافظت على شكلها في يومنا هذا. لم يكن هناك سلطة مركزية موحدة في الحضارة اليونانية القديمة كما كان الحال في مصر القديمة، فقد تميزت بوجود مناطق منعزلة تمركزت على التربة الصخرية وبعض الأراضي الخصبة على شكل دويلات صغيرة تحت حكم الكهنة الذين أصبحوا ملوكاً أثناء الحروب. يشار إلى أن المراكز الإدارية كانت تخوض الحروب من أجل الاستيلاء على الأراضي الخصبة وذلك بقتل الرجال وسلب النساء وتحويلهم إلى عبيد.
وقد تميزت الفترة ما بين الألفية الثالثة والألفية الثانية قبل الميلاد في عهد اليونان القديم بتنوع عرقي كبير وهذا كان سبباً آخر لنشوب الصراعات والنزاعات وذلك لاختلاف التقاليد الثقافية والمعتقدات الدينية فيما بينهم. وكانت تعيش القبائل المحلية بالقرب من بعضها البعض والحديث هنا عن الكاريين والليغيين والبيلاسغيين، في حين أن الإغريق –الأخيون والمينويين هم ليسوا من سكان اليونان الأصليين.
وقد ساعدت الثروات الباطنية لليونان إلى تطوير صناعة الحرف اليدوية بما في ذلك بناء السفن والتجارة البحرية وصيد الأسماك. ولذلك يعتقد أنه على الأغلب أن التجار القادمين من مصر هم الذين جلبوا فكرة بناء الأهرامات إلى اليونان.
ويشير المراقبون إلى أن أحجام الأهرامات اليونانية وعدم كماليتها تدل على أنها جاءت تقليداً للأهرامات المصرية. بالطبع فإن الكهنة الذين كانوا يديرون أعدداً قليلة من السكان مقارنة بعدد السكان الذين كان يحكمهم الفرعون خوفو لم يكن باستطاعتهم بناء هياكل ضخمة، ومن هنا فإن عملية بناء الأهرامات اليونانية تستدعي أسئلة كثيرة.
يمكننا أن نخمن فقط حول الغرض الذي بنيت من أجله الأهرامات اليونانية ولكن مما لاشك فيه هو أن مسألة تعزيز السلطة كانت تشغل إحدى أهم الأولويات في ذلك العصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق