الإبر الصينية
لقد كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن الوخز بالإبر الصينية فقائل بأنها لا تفيد وقائل
لقد كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن الوخز بالإبر الصينية فقائل بأنها لا تفيد وقائل بأنها تفيد في معظم الآمراض! لذلك اود ان نأخذ أولا نبذه عن تاريخ العلاج بالإبر الصينية... كيف بدأ و ما هي فكرته
هناك الكثير من الأقوال في هذا الشأن ولكن الشيء الغالب أن بداية ظهورها كان في الصين بالرغم أن قدماء المصريين استخدموا هذا الأسلوب من العلاج وقد ثبت ذلك بالبرديات التي يعود تاريخها إلى 7000 سنة وهي محفوظة بالمتحف البريطاني فقد كان الاعتقاد السائد عند القدماء أن سبب المرض يعود إلى وجود أرواح شريرة تسكن جسم المريض وأن السبيل الوحيد لطرد هذه الأرواح هو وخز الجسم بأشواك من العاج أو من السمك أو من الخشب ثم تطور الأمر إلى إبر حجرية ثم إلى إبر معدنية مدببة كـما ذكر كتاب (NEI – KING) الذي يعتبر المرجع الطبي الأول لبلاد الصين وذلك من 2690 قبل الميلاد. وفي عام 1954 أعلنت الحكومة الصينية رسمياً شرعية الأطباء التقليديين. ويجب التنبيه على إدخال هذا العلاج إلى أمريكا بدأ بزيارة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى الصين. وفي السبعينيات بدأ تطبيقه في الغرب وإن الشرح القديم لفكرة الإبر الصينية قد إستبدل إعتماداً على علم الأمراض والتشريح العصبي. ولقد نشرت إحصائية في أمريكا عام 1994 أن هناك ما لا يقل عن 12 مليون شخصاً يزورون طبيب الإبر الصينية سنويا ًوفي إحصائية حديثة ثبت أن ثلث البالغين في أمريكا يذهبوا لأخصائي العلاج بالبدائل الطبية وينفقوا من جيوبهم الخاصة ما يعادل حوالي 14 مليون دولار. ويقال أن 40 جامعة تدرس هذا العلم في أمريكا ويوجد حوالي 3000 طبيب أمريكي يمارسون الإبر الصينية.
وتذكر بعض الروايات أن أحد المرضى المصابين بألام في الصدر تعرض لرمح مفاجئ في نقطة معينة في صدره أدت إلى اختفاء الألم وشفاءه ثم تعددت الدراسات والأبحاث حتى تم الاتفاق على النقاط الخاصة بالإبر الصينية والمسارات التي تسير فيها طاقة الإنسان. ويعتبر الصينيون أن جميع وظائف الجسم الحيوية تعتمد على وجود الطاقة ( QI) ولكل طاقة قطبان هما الين واليانج وتتحرك الطاقة بين هذين القطبين تسبح وتسير في مسارات وقنوات وهي في حالة توازن فلا يطغى أي من القطبين على الآخر وبذلك يكون الجسم صحيحاً ومعافى أما إذا اختلت هذه الطاقة اختل توازنها في المسارات المختلفة فيبدأ المرض في الظهور وهنا يكون دور الإبر الصينية. تشبه هذه المسارات الأوعية الدموية من شرايين وأوردة التي تحمل الدم في أنحاء الجسم ولكنها مسؤولة عن توزيع المواد الأساسية على الجسد ويمكن تشبيهها بالنهر. وتحتوي هذه المسارات على عديد من النقاط التي تستعمل لإدخال الإبر الصينية. ويمكن تصنيف هذه الخطوط (ميريديان) بعدة طرق منها التصنيف إلى القنوات الإثنى عشرة العادية منها 6 ين (تاي ذراع وطحال، شاو قلب وكلية وجو غشاء القلب والكبد) و6 يانغ (فينغ المعي الغليظ والمعدة والتاي للمعي الدقيق والمثانة والشاو للمرارة). لكل عضو من هذه الأعضاء زوجان: الرئة والأمعاء الغليظة والمعدة والطحال والمثانة والقلب والكلية والغشاء القلبي.
وتعتمد عملية الوخز على غرس الإبر وتحريكها بأصابع اليد بثلاث طرق هي طريقة بوفا وطريقة سيفا وطريقة شوان جوان. وقبل البدء بتطبيق الوخز بالإبر لا بد من معرفة بعض النقاط الهامة التي يجب مراعاتها فمثلاً يجب البحث عن النقاط المؤلمة والتي تؤلم عند الضغط عليها ووخزها، وكذلك يجب الجمع بين وخز نقاط في مكان الألم ووخز النقاط الهامة في أماكن أخرى بعيدة على نفس المسار
بعد التعريف السابق نود ان نتعرف على كيفية عمل العلاج بالإبر الصينية (النظرية في طريقة عمله)
من النظريات التي أثبتت فوائد الإبر الصينية هي نظرية التحكم في بوابة الألم حيث أن الوخز بالإبر ينبه المستقبلات العصبية ويعمل مباشرةً على مستوى النهايات الحرة للألياف العصبية التي تغلق بوابة الألم عند الإنسان. وهناك نظرية أخرى تدعى النظرية الكيميائية حيث يؤدي الوخز بالإبر إلى إثارة ذبذبات كهرومغناطيسية في داخل الخلايا والأطراف العصبية مما يؤدي إلى إفراز مواد هرمونية مثل البرستاغلاندين والأدرينالين ومواد كيميائية طبيعية مخزونة في الجسم تسمى أفيونات الدم (إندورفين) مما يؤدي إلى تسكين الألم. ويمكن أن تؤدي إلى تحريض السيالات العصبية خصوصاً المهدئات الداخلية في النخاع الشوكي وبالتالي يثبط انتقال الألم، ويختلف التأثير باختلاف عمق التحريض (جلد، عضل) وشدة التحريض وناحية التحريض (نفس النقطة أو التوزع العصبي العضلي)
ما هي الأمراض التي يمكن استخدام هذا النوع من العلاج به
لقد إعترفت منظمة الصحة العالمية عام 1979 خلال المؤتمر الأول للوخز بالإبر الصينية في مدينة بكين بالإبر كعلم قائم أثبت فعاليته في تخفيف الآم 43 مرض مثل الصداع الكامل والنصفي، شلل العصب الوجهي ، الآم الرقبة والظهر، الآم خشونة المفاصل، الصداع، وكذلك في تخفيف بعض الشكاوي مثل الغثيان والإقياء والتي تلي العمليات أو الحمل أو العلاجات الكيميائية، تناذر جوكرن، الوهن العضلي الليفي، الآم الأسنان، الآم الطمث، مكافحة التدخين والإدمان. ويختلف عدد الإبر المستعملة بين إبرة إلى در ازن من الإبر باختلاف الحالة ودرجة الألم ولكن عادة تكون بين 1-4 ويستمر غرزها بين 15 ثانية -20 دقيقة. وأيضا تختلف عدد الجلسات باختلاف الحالة ودرجة الألم ويعطى عادة بشكل أسبوعي ولمدة 6 أسابيع
هل كل شخص يستطيع أن يخضع لهذا العلاج
يمكن تطبيقه أو قد يطبق بجذر شديد في الحالات التالية :
جرح مفتوح، الإضطرابات النزفية ، عند استعمال مضادات التخثر ، الإنتانات مثل الجلدية والأيدز وإلتهاب الكبد الوبائي والدرن، نقص السكر (الجوع)، إرتفاع الضغط (يزيده)، الحمل، أمراض الصمامات القلبية، إضطرابات الجهاز المناعي، الصرع. ويفضل أن لا يعطى للأطفال دون السادسة عشرة من العمر.
كما يجب الإنتباه إلا أن تطبيق الوخز بالإبر يجب أن يتم على منطقة تغذيها أعصاب ذو وظيفة سليمة لأن تطبيقها على منطقة من الجسم ضعيفة التغذية العصبية سواءً كان ذلك ناتجاً عن رض أو مرض يضعف أو ينعدم تأثيرها.
ما هي مضاعفاته:الحساسية، النزف ، الدوخة (لذلك ينصح إعطاؤها في حالة الاستلقاء)، الإجهاض، كسر الإبرة
ما نسبة نجاحه بشكل عام في علاج مختلف الأمراض
هناك تفاوت في درجة الإستجابة للعلاج من حالة إلى أخرى لذلك لا توجد نسبة محددة ولكذلك تختلف النسبة باختلاف طبيعة الألم ونوعه ومدته. تختلف نسبة النجاح بين 20-70%، فقد يحدث تحسن في الحال مباشرة أو بعد فترة زمنية أوقد تزيد الآلام شدةً، وفي ثلث الحالات لا يحدث تغيير ولا ننسى أن هناك ما يدعى بالإختلاف الفردي الفسيولوجي والذي له دور هام في درجة الإستجابة المتفاوتة من حالة إلى أخرىيير.
هل يعتبر علاج مساعد للعلاجات الطبية أم هو نوع من الطب البديل
إن الممارسة الطبية الصحيحة للإبر الصينية تعتمد على تطبيق العلاج الطبي المعروف قبل البدء بالإبر الصينية وإن لم يتحسن فيمكن أن يترافق العلاج الدوائي مع الإبر الصينية. متوفر في أقسام الروماتيزم والعلاج الطبيعي وفي بعض أقسام النساء والولادة في الدول الغربية. أكرر وأقول إننا نحاول بالطب العادي أولاً ثم بعد ذلك نلجأ إلى الوسائل الأخرى.
لماذا لا يمارس على نطاق أوسع في الدول العربية
لقد وضعت الدول الغربية دليلاً للفوائد السريرية المثبتة علمياً للوخز بالإبر الصينية وذلك لنشر الوعي الصحي للتعريف بهذا التخصص ودحض الإدعاءات القائلة بأن هذه الإبر تعالج كل الأمراض مما يؤدي إلى إستغلال المريض واستنزافه مادياً. وإن للوخز بالإبر الصينية لا يمارس على نطاق أوسع في الدول العربية وذلك لعدم توفر المعلومات الكافية عن هذا الأسلوب العلاجي لمعظم الأطباء والجهات المعنية في الدول العربية مثل من هو الطبيب المؤهل لممارسة هذا النوع من العلاج وماهو تخصصه؟. ولكي ينتشر الوخز بالإبر على الأسس العلمية في الدول العربية نقترح ممارسة هذا الأسلوب العلاجي بواسطة أطباء كما يحدث ذلك في معظم الدول الأوربية حتى نضمن فاعلية العلاج على الأسس العلمية. أقنرح وضع لجنة لتقييم من أراد ممارسة الوخز بالإبر الصينية وخاصة القادمين من الصين حيث تم الكشف عن بعض ممن جاء لممارسة هذه المهنة في المملكة بأنه قد حصل على شهادة الطب من كلية الطب التقليدي في الصين وليس من كلية الطب الحديث وهذا من الخطورة بمكان حيث يعتقد البعض بأنه لا يوجد فرق بين النوعين ولكن للأسف فهناك فرق شاسع بين الشهادتي لذا يجب أن توضع الضوابط الخاصة لمنح تراخيص مزاولة هذا النوع من الأطباء لتلك المهنة. كما أقترح أيضا على وزارة الصحة وضع تسعيرة محددة كي لا تستغل هذه المهنة من ضعاف النفوس الذين يهدفوا بالدرجة الآولى الربح المادي قبل النظر إلى منفعة المريض فأقول لهؤلاء أتقوا الله. والخلاصة بأن الوخز بالإبر الصينية لا يستخدم كعلاج بديل للعلاج الدوائي وإنما كوسيلة متممة هدفها التسكين لللآلام أكثر من كونها علاج للأمراض.
هل هناك طرق أخرى يمكنها ان نحل محل او تترافق مع الوخز بالإبر الصينية؟
نعم ومنها العلاج بالضغط وكذلك اضافة استعمال الليزر الى الابر الصينية والذي يضاعف النتائج ويستمر التحسن لفترة اطول باذن الله وبدون اثار جانبية تذكر وسأتحدث عنه بشيء من التفصيل فيما بعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق