لماذا تُسبب القراءة في سيارة متحركة دُوار الحركة؟(*)
يجيب عن هذا السؤال
دُوَار الحركة ـ سواء كان سببه السفر في سيارة أو في قارب أو في الفضاء الخارجي ـ هو النتيجة غير السارة لعدم التوافق والانسجام بين توقعات الدماغ في موقف معين وبين المعلومات التي يتلقاها من الحواس.
وللحفاظ على توازن الجسم، يقوم الدماغ بتركيب بيانات واردة من عدة مصادر، من ضمنها حاستا النظر واللمس، والأذن الداخلية. والأذن الداخلية مهمة بوجه خاص لأنها تكشف الحركتين الزاويّة والخطية. وفي معظم الوقت، تكون جميع المدخلات inputs منسجمة. بيد أنه عندما لا تتوافق مع ما يتوقعه الدماغ في موقف معين، فقد يحدث دوار الحركة، الذي يتمثل باضطراب في التوجه المكاني أو الصداع أو الإقياء.
تصور أنك تقرأ في المقعد الخلفي لسيارة. عندئذ تقوم عيناك المثبتتان على الكتاب، اللتان تريان بنظرة محيطية القسم الداخلي من السيارة، بإعلام الدماغ أنك ساكن في مقعدك. لكن مع تغيير السيارة لسرعتها أو اتجاه سيرها، فإن المحسات sensors في أذنك الداخلية تخالف المعلومة التي وصلت الدماغ. وهذا هو سبب حدوث دوار الحركة في تلك الحالة. وما يساعد عند ذلك هو أن توجه نظرك إلى خارج السيارة. (ومن الملاحظ أن معاناة السائق أقل، ليس فقط لأن لديه معلومات حسية منسجمة، وإنما أيضا لأنه يتحكم في السيارة ـ ومن ثم فهو مستعد لما يحدث من تغيرات في الحركة.)
وبالمثل، فبمقدورك مقاومة دوار البحر ببقائك على ظهر المركب حيث يمكنك رؤية الأفق. وما إن يتعلم نظام توازنك التعامل مع حركة القارب ـ عندما تتعود على المشي أثناء تمايل القارب ـ فإن شعورك بالدوار يضعف. وبالطبع، فعندما تبحر نحو الشاطئ، فقد يكون جسمك مازال يتوقع حركة القارب طوال ساعات أو حتى أيام، وهذا يجعلك تشعر بعدم ارتياح ثانية.
والرحلات الفضائية أيضا تسبب دوار الحركة، التي يعانيها نحو 70 في المئة من رواد الفضاء في بداية عهدهم بالسفر الفضائي. ففي ظروف «انعدام الوزن»، أو الثقالة الميكروية(1)، لا تستطيع الأذن الداخلية أن تحدد «أين يقع الأسفل.» وقد ذكر بعض ملاحي الفضاء أنهم شعروا كما لو أنهم منقلبون رأسا على عقب باستمرار، وذلك بصرف النظر عن المنحى الحقيقي لتوجههم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق