الهرمونات الأنثوية تعزز من سلامة قلب المرأة
الجديدة ـ القاهرة: لوقت قريب جدًّا كانت هناك حقيقة مسلم بها بين الأطباء تؤكد أن قلوب النساء قد لا تتحمل سماع الأخبار القاسية والسيئة، وسرعان ما تتأثر بشكل سلبي لدى معايشة المرأة لأنواع شتى من الضغوط والتوتر النفسي، إلا أنه فجأة وبدون مقدمات ثبت أن قلوب النساء أقوى من قلوب الرجال من خلال دراسة قام بها باحثون بريطانيون في محاولة منهم لكشف الستار عن سر طول عمر النساء مقارنة بالرجال. في جامعة “ليفربول” البريطانية توصل باحثون إلى أن قلوب الرجال تفقد حوالي ربع قوتها وقدرتها على ضخ الدم بين الأعمار من 18 إلى 70 عامًا، أما قلوب النساء في المقابل فتبقى فتية وقوية حتى عند التقدم في السن، ونتيجة لذلك فإن قلب امرأة مسنة في السبعين من عمرها قد تعمل بصورة جيدة كما لو أنها في العشرين، وأشار هؤلاء الباحثون إلى أن مدة حياة النساء البريطانيات أطول بحوالي خمس سنوات من الرجال, وبناء عليه فقد أصبحت السيدات في سن الستين فما فوق الشريحة الأكثر نموًا وزيادة في المجتمع البريطاني، ووجد فريق البحث العلمي الذي قضى سنتين في دراسة الشيخوخة لدى أكثر من 250 رجلًا وامرأة من الأصحاء تراوحت أعمارهم ما بين 18 إلى 80 عامًا، وذلك لتحديد التماثلات أو الفروقات في عملية الشيخوخة بين الجنسين عند التقدم في السن أن قلوب النساء كانت أقوى من قلوب الرجال في السن نفسه، ويرى العلماء أن بإمكان الرجال تحسين صحة قلوبهم بممارسة الرياضة بانتظام، حيث تبين أن قلوب الرجال الرياضيين من سن 50 إلى 70 عامًا كانت قوية كقلوب الشباب غير الرياضيين في سن العشرين, مما يدل على أنه بالإمكان منع خسارة من 20% إلى 25% من قوة قلب الرجل المسن أو تأخيرها بالتمرينات الرياضية المنتظمة.
قلوب شابة
د. منى ثابت أستاذ أمراض الباطنة والقلب والسكر بكلية طب القصر العيني قالت: إن هذه الدراسة غير دقيقة بالشكل الكافي الذي يجعلنا نصدق على كل ما جاء فيها؛ لأنها أجريت على عينة وشريحة صغيرة من السيدات والرجال الأصحاء في بريطانيا فقط وليس على مستوى العالم، لذلك فنحن لا نستطيع أن نعمم هذه الدراسة وما توصلت إليه من نتائج على كل النساء ببقية دول العالم الأخرى، هذا إلى جانب أنها لم تذكر إحصائيات أو نسب مئوية محددة للنساء اللائي يتمتعن بقلوب شابة قوية مقارنة بالرجال في المرحلة العمرية نفسها، ولا شك أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر سلبًا أو إيجابًا في صحة قلوب النساء منها: العوامل الوراثية، والعوامل الانفعالية والنفسية، وبعض السلوكيات والعادات الغذائية، وأنماط الحياة اليومية التي تختلف بالطبع من سيدة لأخرى سواء كانت عاملة أو ربة منزل، كما أننا يجب ألا نغفل العوامل البيئية فالمرأة – مثلًا – في الريف تختلف عن المرأة في المدينة والبيئة الحضرية إلى غير ذلك, حيث أن المرأة في الريف تكون أوفر صحة وأحسن معيشة من حيث خلو الجو من الملوثات الصناعية ودخان المصانع وعوادم وسائل النقل والمواصلات والسيارات التي أصبحت تزدحم العالم، وتضطر المرأة في تلك المدن إلى استنشاق الهواء الملوث بكل هذه السموم مما يجعلها أكثر تعرضًا للأمراض، ويشكل هذا خطورة على صحة جهازها التنفسي والدوري بل والعصبي أيضًا؛ نظرًا لزيادة ضغوط الحياة وازدحامها بالكثير من الأعباء والمسئوليات والمهام الثقيلة التي تلقى على عاتقها في ظل السرعة لإيقاع الحياة الصاخبة والمتلاحقة الأحداث, لهذا فالمرأة لابد لكي تحافظ على صحة قلبها وقوته وكفاءته بمرور السنين ومع تقدم العمر لابد وأن تعيش في بيئة صحية ونقية بعيدة عن التلوث بكافة أشكاله “الهوائي والمائي والغذائي” وتحافظ على ضغطها الطبيعي بالإقلال من الموالح والأملاح والابتعاد عن الانفعالات والتوترات الشديدة والقلق المستمر وتتبع نظامًا غذائيًّا صحيًّا ومتوازنًا وخاليًا من الدهون والكوليسترول حتى تتجنب الجلطات والقصور في الشريان التاجي وتصلب الشرايين وانسدادها، وكذلك الاهتمام بالنشاط الرياضي المعتدل والمناسب دون إرهاق أو الوصول إلى مرحلة الإجهاد بحيث يكون جزءًا من نشاطها وبرنامجها اليومي، ولو بأبسط أنواع الرياضة وهي “المشي السريع” لمدة نصف الساعة على الأقل مع الابتعاد نهائيًّا عن التدخين السلبي أو الإيجابي والمقصود بالسلبي هنا الجلوس بجوار المدخن واستنشاق دخان سيجارته أو شيشته، أما الإيجابي فهو أن تقوم السيدة بتدخين سيجارة أو شيشة ولو على فترات متباعدة لما للتدخين من ضرر بالغ على الصحة بشكل عام وليس على القلب وحده.
هرمونات الأنوثة
من الملاحظ ندرة حدوث أزمات قلبية أو ذبحات صدرية للمرأة في سن الشباب “من العشرينات إلى الأربعينيات” وهي فترة الخصوبة والقدرة على الإنجاب، وهو الشيء اللافت للنظر على الرغم من إمكانية تعرض الرجل أو الشاب في مثل هذه السن إلى الاعتلالات والأزمات القلبية المفاجئة، ويعزي د. سامح الأمين أستاذ جراحة القلب بالمعهد القومي للقلب بالقاهرة؛ ذلك إلى تمتع المرأة في هذه السن بالهرمونات الأنوثة المصاحبة لنزول الدورة الشهرية والمعروفة “بالأستروجين والبروجيستيرون” والتي تمثل حائط صد قوي وعامل وقاية فعال ضد الإصابة بأمراض القلب عمومًا في هذه السن الصغيرة من العمر، لاسيما وإذا كانت المرأة من ذوات ضغط الدم المنخفض، حيث تبين من خلال الفحوصات التي تجري على النساء في تلك المرحلة العمرية انخفاض ضغط الدم في الغالبية العظمى منهن مقارنة بالرجال في هذه السن نفسها وهذا يعتبر أيضًا عاملًا وقائيًا آخر لهن يضاف إلى نسبة الهرمونات الأنثوية في الدم عند السيدات بعد هذه السن، ومصاحبة ذلك لارتفاع ضغط الدم التدريجي لديهن حتى أن السيدة منهن تأتي للكشف عليها ونقوم بإجراء قياس ضغط الدم فنجده مرتفعًا فتندهش لذلك وتقول: إنني طوال عمري وأنا ضغطي منخفض حتى إنني كنت أعاني في بعض الأحيان من الدوخة أو الدوار نتيجة لهذا الضغط المنخفض، ولكن الأمر أصبح مختلفًا الآن وبعد وصول السيدة إلى هذه المرحلة العمرية الجديدة، والتي تصبح فيها أكثر تعرضًا للأزمات القلبية والذبحات الصدرية المفاجئة أو التي تسبقها بعض المؤشرات أو المقدمات التي لا يجب إغفالها أو التهاون معها وبطبيعة الحال فإن ضغط الدم المرتفع يعتبر عاملًا من عوامل الخطورة المؤدية إلى إصابة القلب بتصلب الشرايين, ومن الجدير بالذكر أن المرأة الرياضية هي الأكثر صحة وحيوية ونشاطًا والأقل تعرضًا للإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكر؛ لأن التمرينات الرياضية بشكل عام تحرق السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم، وكذلك السكر الزائد عن اللازم, ولذلك فالرياضة ينبغي أن تكون بشروط بحيث تكون منتظمة من 3:4 مرات أسبوعيًّا على ألا تقل المرة الواحدة عن ساعتين من المجهود على الأقل من 6:8 ساعات في الأسبوع حتى تأتي بالنتائج المفيدة منها.
وقد ذكرت الأبحاث العديدة أن الضغوط العصيبة والنفسية وضغوط الحياة والشعور بالاكتئاب من الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالذبحة الصدرية أو الجلطة بالقلب، بالإضافة إلى أن التدخين سبب رئيس لزيادة نسبة الكوليسترول في الدم مع تناول الأطعمة المقلية في الزيت المغلي الذي يعجل بوصول الكوليسترول السام بالجسم إلى شريان القلب فيسده ويغلقه، وهو ناتج عن أكسدة الزيت المستخدم في الجو والمستعمل في البانيهات والطعمية البطاطس المحمرة “الشيبسي” واللحوم المحمرة والمصنعة كالهامبورجر والشاورما الغنية بالكوليسترول الضار والدهون المشبعة، ولذلك يجب الاستغناء عن هذه الأنماط الغذائية الخاطئة والضارة بصحة القب والشرايين والاستعاضة عنها بالزيت الصحي كزيت الزيتون وزيادة الكوليسترول النافع والاهتمام بعلاج السكر والضغط المرتفع؛ لأنهما من عوامل الخطورة أيضًا على صحة وسلامة القلب مع الإكثار من مزاولة النشاط الرياضي منذ الصغر وحتى الكبر بصورة منتظمة ودون ملل أو انقطاع حتى تعبر هذه المرحلة السنية وما فيها من تغيرات بأمان وسلام.
الرياضة علاج
ولا يختلف مع الرأي السابق د. أحمد الشريف أستاذ القلب والحالات الحرجة بكلية الطب جامعة القاهرة ويضيف: إن المعروف عن الرجال هو زيادة نسبة المدخنين بينهم مقارنة بالنساء خصوصًا في مرحلة الشباب واكتمال الرجولة، ولذلك تحدث انقباضات كثيرة بالطين، وبالتالي لا يصل للأنسجة بالقلب أي أكسجين وهو ما يسمى “بالسكتة القلبية”، كما أن الكسل وعدم ممارسة الرياضة يساعد على ارتفاع دهون الدم والكوليسترول ونسبة السكر وضغط الدم، بالإضافة إلى زيادة الضغوط العصبية التي تؤدي إلى زيادة نشاط العصب “السمبثاوي”، وبالتالي يرتفع معدل ضربات القلب الذي بدوره يزيد من استهلاك القلب للأكسجين ومن ثم حدوث القصور بالشرايين التاجية، ويعتبر ارتفاع ضغط الدم عاملًا مؤثرًا وقويًا في زيادة تضخم عضلة القلب من الأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث قصور بالشريان التاجي هذا علاوة على أنه عامل أساسي من العوامل المساعدة على تكلس الشرايين والعكس صحيح، فالضغط المنخفض أو المنضبط بمعنى أصح يساعد على عدم حدوث أي تضخم، وبالتالي يعتبر ذلك عامل حماية من الإصابة بالقصور في الشرايين التاجية لذلك فنحن ننصح بالابتعاد بل الامتناع النهائي عن التدخين بكافة صوره وأشكاله، ونوصي بالمشي السريع أو المعتدل لمدة لا تقل عن نصف الساعة يوميًّا ونحذر من تناول الدهنيات في الطعام والأغذية المحتوية على الدهون المشبعة والمحتوية على نسبة عالية من الكوليسترول.
الوراثة
ويضيف: إن العامل الوراثي يلعب دورًا كبيرًا في نقل بعض الأمراض من جيل إلى جيل وخصوصًا أمراض القلب، وأصبح هذا العامل يمثل خطورة شديدة قد تودي بحياة الشخص، ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الأشخاص الذي يتحكم فيهم العامل الوراثي تكون نسب الإصابة لديهم بأمراض القلب أعلى من غيرهم لاسيما إذا كانوا يعانون من ثمة أمراض أخرى مثل: السكر، أو الضغط، أو الاثنان معًا، وقد يختفي العامل الوراثي في بعض الأجيال وبمناسبة الجينات الوراثية هناك ما يسمى “بالجين الثيرابي” الذي ساهم في علاج أمراض القلب والجهاز الهضمي والكبد، ومن المتوقع أن يحدث هذا الجين ثورة في علاج الأمراض السالفة الذكر وخصوصًا في المراحل العمرية الصغيرة في العشرينيات والثلاثينيات, ومن أسباب حدوث ضغط الدم المنخفض لدى الفتيات والسيدات قلة الدورة الدموية في منطقة الأطراف لديهن عن الرجال لذلك تلاحظ الواحدة منهن برودة أطرافها الخارجية “اليدين والقدمين” خصوصًا في فصل الشتاء مقارنة بالرجال.
قياس الضغط
عن ضغط الدم وقياسه يرى د. أحمد الشريف أن هناك شروطًا معينة ينبغي مراعاتها عند الشروع في قياس ضغط الدم من حيث الدقة والطريقة المثلى للقياس، لذلك لا يجب القيام بهذه المهمة بأنفسنا في البيوت دون الرجوع إلى الطبيب المعالج الذي يراعي هذه الطريقة عند القياس، وبالتالي لا يحدث خطأ أو قراءة غير صحيحة أو غير دقيقة يترتب عليها العلاج بطريقة خاطئة والدخول في متاهات أخرى، لهذا فإن الطبيب هو الشخص المسئول عن دقة القياس والتشخيص الصحيح للحالة المرضية، ومن ثم تناول العلاج الصحيح والمناسب للمريض وإذا ما حدثت أية مشكلة لا قدر الله كهبوط القلب المفاجئ أو السكر عن معدله في الدم مما يسبب بعض الأعراض المرضية التي لا يلبث أن يلاحظها أهل المريض فعليهم الإسراع به إلى طبيبه المختص دون أي إهمال أو إغفال أو تقصير حتى لا تتعرض حياة المريض للخطر والحرص على المتابعة المنتظمة والمستمرة معه والاهتمام بكل ما ينبه عليه من إرشادات خصوصًا بالجرعات العلاجية من حيث تخفيضها أو زيادتها أو توقفها واستبدالها بأخرى ومواعيد الوجبات الغذائية وأصنافها دون تجاوز أو مخالفة لتلك التعليمات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق