كيف تتغامل مع شعورك بالذنب
من المدهش كيف لافكار بسيطة ان تغير حالتنا الوجدانية بسرعة ومن الغريب كيف تمحي فكرة واحدة صغيرة سلبية جميع الافكار الايجابية التي نحملها
كلنا نخطئ وكلنا يشعر بالذنب, احيانا نقوم بسلوكيات تتعارض مع مثلنا وقيمنا فنشعر بالذنب واحياناً اخرى نقول شيء نشعر بالذنب بعد قوله, الشعور بالذنب مفيد في الحقيقة يمكننا اعتبار الشعور بالذنب علامة تحذير (مهمة) لانها تنبهنا وتدفعنا الى اعادة النظر في سلوكياتنا وافعالنا التي قمنا بها حتى يتسنى لنا تحاشيها في المستقبل
الشعور بالذنب مهم جداً للنمو النفسي واساسي للنضج فعندما نخطئ نشعر بالذنب وهذا ما يجعلنا نأخذ درساً من هذا الخطأ حتى لا نكرره ونشعر بالذنب مرة اخرى في الواقع يقوم الآباء والمعلمين احياناً باشعارنا بالذنب عن قصد وذلك لتنظيم سلوكنا فهم يستخدمون شعورنا بالذنب كاداة لتهذيب السلوك, وقد تعلمنا من مرحلة الطفولة أن هناك قواعد صارمة لا يمكن تخطيها وهناك سلوكيات غير مقبولة علينا عدم اتيانها وإلا شعرنا بالذنب فالشعور بالذنب هو اسلوب للتعلم وقد كنا نتعلم عن طريقه منذ الصغر
لكن علامة التحذير المفيدة والمهمة لنضجنا هذه تتحول لمشكلة عن تبدأ بالتحكم بمشاعرنا بصورة مستمرة فتتملكنا وتقودنا الى الشعور بالحزن الذي يوصلنا بالنهاية الى الاكتئاب, والأشد سوء من هذا هو عندما نشعر بالذنب بسبب افعال وسلوكيات غير خاطئة قمنا بها ولا تحتاج لتعديل او اعادة النظر فيها, وهذا يحدث عندما يكون الفرد يشعر بالذنب وهو لم يقم بارتكاب اي فعل سيء ولم يسلك اي سلوك خاطئ
والاسباب هنا كثيرة احدها هو الافكار الخاطئة ان تشعر الأم بالذنب مثلاً لأن ابنها صار تعاطي للمخدرات فهي تشعر انها كانت السبب في تعاطيه وهذا الشعور قد يكون غير صحي وعقلاني فليس بالضرورة ان يكون سبب تعاطي هذا الأبن هو سوء تربية الأم له فهناك الكثير من المتعاطين الذين حصلوا على تربية جيدة واهتمام فاسباب التعاطي كثيرة ومتشعبة, وايضاً هناك سبب اخر وهم اؤلك الذين يستخدمون شعورنا بالذنب للحصول على مصالحهم وكثير من هؤلاء يتقنون التلاعب بمشاعر الاخرين فاذا كانت لديه حاجة ولم يحصل عليها منهم قام بالتلاعب بوجدانهم واشعارهم بالذنب حتى يقدموا له حاجته مع اعتذار منهم ايضاً لا يستحقه هو, نعم صدقوا هناك اطفال يتقنون هذا الفن ويتلاعبون بآبائهم ويحصلون على ما يرغبون به عن طريق اشعارهم بالذنب
لن اتحدث اكثر عن اسباب الذنب فلا استطيع ان اجملها, قليل من اعادة النظر في اسباب شعورك بالذنب ستكون كافيه لمعرفة ما اذا كان شعورك هذا صحي وعقلاني ومفيد او غير ذلك
نبدأ في طرق التعامل مع الذنب
لاحظوا انني قلت التعامل مع الذنب وليس التخلص منه وهذا لان الذنب احياناً يكون مفيد لذلك نتعامل معه ونستفيد منه اما في حال كان شعورنا بالذنب مضر وغير عقلاني فسنقوم بابعادة عنا والتخلص منه
قبل ان ابدأ بطريقة التعامل مع الذنب عليك ان تقتنع بثلاث افكار مهمة
١- لا يوجد انسان كامل صحيح اننا نسعى للكمال لكن لا احد يصل اليه
٢- لا يمكن تغير الماضي مع هذا الحاضر والمستقبل يمكننا تغييره
٣- يمكننا ان نتعلم من اخطائنا
اقتنع بالثلاث افكار السابقة لا تقرأها فحسب بل تفكر بها فاذا اقتنعت سيكون بامكانك الاستفادة من الذنب والاخطاء وتحويلها لخبرات ايجابية بدل من تركها لتسيطر عليك وتحطمك
١- عليك التعرف على نوع شعورك بالذنب
قد يكون سبب شعورك بالذنب هو فعل خاطئ او قول سيء قلته بحق احدهم وقد يكون سبب شعوركم بالذنب هو انسان مريض تعلم طريقة التلاعب بمشاعر الاخرين للحصول على حاجاته في حال عرفت ان سبب الشعور بالذنب هو الاخير لن تحتاج لفعل لشيء لان شعورك بالذنب سيذهب لوحدة بعد ان كان يقطع فيك وانت تجهل سببه, اعد فحص سلوكك فكر في اسباب شعورك بالذنب هل هي منطقيه هل هي عقلانيه هل هي صحية بحيث انها تنبهك الى اخطائك ام انها غير صحية وغير عقلانية ولا توجد اسباب منطقيه لها ؟
٢- الاعتراف بالذنب
تبدأ بالشعور بالراحة لحظة اعترافك بالذنب فانت بالاعتراف تزيح حمله عن كاهلك, عندما تعترف بالذنب لا تجد الافكار السلبية طريق ترهقك بهافانت معترف بذنبك إلا اذا كنت تستطيع تصحيح اخطائك في هذه الحالة سيستخدم الذنب عدم تصحيحك لاخطائك في تأنيبك وهذا ينقلنا للنقطة التالية
٣- الاعتذار والاصلاح
الشعور بالذنب ينبهنا بان هناك شيء خاطئ قمنا بفعله وللتخلص من هذا الشعور علينا تصحيح الخطأ او في حال كان التصحيح غير ممكن فهو ينبهنا ويحذرنا من تكراره, لاحظ انك قد تشعر بالذنب لسلوك فعلته وانت لا تكون تنوي اعادته لكنك ما زلت تشعر بالذنب هذا لانك لم تقطع في الحكم ولم تاخذ عهدا مع نفسك بانك لن تقوم بتكراره, في حال كنت اخطأت بحق الاخرين فعليك الاعتذار والافضل هو ان تقوم بالاعتذار لهم شخصياً يمكن ان ترسل اليهم رسالة وإن لم تكن قادر على هذا فيمكن الاعتذار لهم في نفسك سراً على ان تكون صادق وتأكد ان هذا الاعتذار سيريحك ثم الاصلاح اذا اخذت شيء لم يكن من حقك فقم باعادته اصلح ما اتلفته وارجع ما اخذته واذا لم تكن قادراً ايضاً فالاعتذار الصادق سيكون كاف
٤- تقبل انك اخطأت واكمل حياتك
قلت ان عليك ان تقتنع بأنه لا يمكن تغيير الماضي ولكن الحاضر والمستقبل بين يديك فلتسأل الله ان يكون هذا الذنب قد علمك الدرس جيداً, اذا استطعت تصحيح الخطأ والاعتذار وحتى إن لم تستطع فتعلم من الدرس واكمل الطريق لا تتوقف عند هذه النقطة وتجعلها تحطمك, اذا استطعت تصحيح الخطأ فافعل واذا لم تستطع فلماذا تشعر بالذنب ليس بيدك شيء هل انت الوحيد الذي اخطأ في حياته ؟, ابشرك انا اخطأت قبلك
5- تعلم من الذنب
5- تعلم من الذنب
نعم تعلم من الذنب ولا اقصد هنا ان تكون مثالي في التفكير وان تعتقد انك ستصبح لقمان زمانك بعد هذا الشعور بالذنب ولكنني اعني التعلم البسيط, فاذا كان الطريق الذي سلكته اول مرة لم يوصلك لمكان اعجبك هل ستسلكه مرة اخرى ؟
هذا ما اقصده بالتعلم من الذنب ليس بالضرورة ان تصبح حكيماً بعد هذا الخطأ ولا يعني تعلمك من الذنب هو انك لن تخطئ مرة اخرى, لكنه يعني انك ستصبح اكثر حذراً وصرت تعرف ان هذا الطريق لن يوصلك لمكان جميل يعجبك
بالنهاية اقول لكل مذنب وعندما اقول كل مذنب اعني كل من قرأ ومازال يقرأ مدونتي
اخطأت وتعلمت من خطأك وعزمت على عدم تكراره شكراً لك تقدم للأمام لا تقف وتعيد التفكير في الذنب كثيراً فالطريق امامك طويل وستخطئ كثيراً وتتعلم اكثر هذه هي الحياة لا يوجد انسان كامل لا يمكنك تغيير الماضي لكن يمكنك ان تتعلم من اخطائك.
يقول بن نامل
شعوري بالذنب على قدر ذنبي
لا ينقص فيذلني ولا ازيد فاذله
اضعه بكأس العدل قبل نومي
قليله مع كثيرة واشربه كله
يمسي في الدم ويصبح مناعة
ويخرج فلا يعود ولذلك اجله
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق